هل كان ذلك المقهى ليسع كل تلك الأشياء؟ هل كان ليسعنا نحن الإثنين معا ذلك المساء الحزين الذي كانت ملامحي فيه تستجدي فراغ التأمل في متاهة حيرة اللاسؤال؟ حركة سير فاترة وهيبة المساء الشتوي تلف الشوارع مع نفحة الغروب الروحانية، الرصيف حيث كنتُ أتمشى يبدو فارغا إلا من أهله الذين عهدوه وعهدهم في كل وقت من اليوم، بطاقات شحن وملامح تسول وشيء قليل من دبيب حياة ستصارع العدم، يؤول الشارع دائما كعادته في هذا الوقت إلى نوع من الصمت بغير هوية، ربما فقط طرْق أقدامي يصل إلى أسماعي أحيانا كقرع موسيقى أرواح هو كل ما يملك من هوية ولو في مخيلتي على الأقل، أشعر أحيانا أنه صمت إصغاء نعم وكأن الأشياء تصغي إلينا أحيانا، وحين تصغي فهي لا تسمع كلامنا المحسوس بل تقرأ ملامحنا التائهة بين الذبول والشرود، أو على الأقل نشعر نحن بذلك، اشعر وأنا أسير على رصيف هذا الشارع أنه يقاسمني تفكيري وتقديري وتأملي وتحملي ، وأنه ينظر معي إلى الأشياء من حولنا بنفس نظرتي إليها، تتقاطع الأشياء فيه وحوله تقاطع المشاهد والمناظر أمام نظراتي الجامدة، خطواتي على إيقاع تفكيري أمشي تغشاني روحانية صمتي المتبتلة إلى أفكاري الشاردة...نص القصة بالكامل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق